الشوهة العالمية
الشوهة العالمية
من سوء حظ منكوبي منطقة الغرب أن قافلة جورج كلوي التي عبرت المغرب باتجاه غزة لم تمر بغابة المعمورة حيث تعيش حوالي 800 أسرة بلا ماء ولا طعام. ولو أن جورج كلوي علم بوجود هؤلاء المنكوبين المغاربة لحط رحال قافلته في غابة المعمورة ووزع المؤن التي جاء بها من لندن على شيوخهم ونسائهم وأطفالهم الذين مرت ثلاثة أسابيع على الفيضان دون أن يعودوا إلى مدارسهم. مع أن أطفال غزة الذين دمرت مدارسهم بطائرات الإف 16 والقنابل الفسفورية، عادوا إلى الدراسة فوق الأرصفة بعد أقل من شهر على انتهاء العدوان الإسرائيلي، ونصبوا الخيام مكان المدارس فوق أنقاض البيوت المحطمة.
ومن سوء حظهم أيضا أن «هوانم» السادة الوزراء اللواتي ذهبت بهن أم البنين زوجة عباس الفاسي، في رحلة منظمة إلى قصر أمير الكويت، لم يسمعن بحوالي خمسة آلاف نسمة تتقاسم الغابة المجاورة للرباط مع الحلوف. وإذا كان الحلوف يجد ما يأكله في تلك الغابة، فإن المواطنين المغاربة الذين لجؤوا إليها لا يجدون ما يأكلونه سوى أظافرهم بسبب الحسرة وهم يرون «هوانم» السادة الوزراء يفضلن حمل الهدايا إلى أمير الكويت، في الوقت الذي لم تفكر فيه أية «هانم» من «هوانم» السادة الوزراء بالقيام بزيارة قصيرة لهؤلاء المنكوبين وتقديم ولو خبزة واحدة لأطفال غابة المعمورة الذين يتضورون جوعا وبردا منذ ثلاثة أسابيع.
فيبدو أن قلوب «هوانم» السادة الوزراء «هشيشة» ولا تتحمل رؤية البؤس والجوع والمرض الذي تحتضنه غابة المعمورة، ويفضلن عليها بريق ساعات «الروليكس» التي تعود الأمراء في الكويت والخليج العربي على إهدائها لضيوفهم. وإذا كان هؤلاء الأمراء الأثرياء يقدمون هدايا ثمينة لصحافيين مغاربة تافهين ينزلون ضيوفا على نفقتهم، فلكم أن تتخيلوا نوع الهدايا التي سيقدمونها لضيوفهم إذا كانوا من عيار «هوانم» الوزراء المغاربة. ولذلك ربما فكرت «الهوانم» في تنويع زيارات المجاملة نحو الدول التي تعرف طفرة نفطية كبيرة ولا يعرف أمراؤها ماذا يصنعون بكل الثروات التي جمعوها من عائدات النفط. وقبل زيارته للكويت، زار وفد زوجات الوزراء نفسه دولة مصر. ويبدو أن الهدايا لم تكن في المستوى، ولذلك يممن وجوههن شطر آبار النفط، حيث الهدايا أثمن وأنفس.
وكمقترح شخصي لهذه المبادرة التي تتزعمها «هوانم» السادة الوزراء، أقترح على أم البنين الفاسي إطلاق اسم «ضارت» على الرحلات الدبلوماسية التي تقودها نحو بلدان الخليج العربي. وفي كل مرة ينزلن ضيفات على بلد معين يحذفنه من اللائحة إلى أن يكملن الدائرة، ثم يبدأن «ضارت» من جديد. هكذا يمنحن مبادرتهن الدبلوماسية نكهة مغربية خالصة.
كان سيكون ظهور زوجات الوزراء إلى جانب نساء وأطفال منكوبي غابة المعمورة أجدى وأحسن للحكومة من ظهورهن في قصر أمير الكويت محزمات قفاطينهن بمضماتهن الذهبية وهن يتبادلن الهدايا الثمينة ويلتقطن الصور. فدور زوجات الوزراء في الدول الديمقراطية لا يقتصر فقط على حضور حفلات فنادق الخمس نجوم، وإنما يمتد أيضا إلى المجال الاجتماعي بالقرب من ضحايا الكوارث في الأحياء المهمشة والغابات التي تؤوي المشردين.
وفي الوقت الذي نشاهد فيه فنانين ومشاهير سينمائيين غربيين يقتطعون جزءا من وقتهم وثروتهم لإغاثة المنكوبين والفقراء والمرضى في بلدانهم، لم نسمع أن هيئة للفنانين أو نقابة للممثلين السينمائيين بالمغرب بادرت إلى القيام بزيارة لهؤلاء الآلاف من المغاربة اللاجئين في غابة المعمورة.
نسمع فقط مخرجين سينمائيين ومغنين وممثلين يتحدثون عن أموال الدعم التي يطلبون الحصول عليها، ونسمعهم فقط يتحدثون عن مداخيل أفلامهم وسهراتهم، التي يطالبون الدولة باعتقال كل من يصورها خلسة وتقديمه للمحاكمة.
وعلى ذكر المحاكمة، فقد فرحت شخصيا بحكم المحكمة الذي قضى بسجن المعتقلين في أحداث الخنيشات. وقبل أن تعقدوا حواجبكم استغرابا لفرحتي التي تظنون أنها في غير محلها، دعوني أشرح لكم سبب فرحتي بهذا الحكم. لقد فرحت من أجل هؤلاء الذين سيذهبون إلى السجن لأنهم على الأقل سيجدون سقفا ينامون تحته ووجبات غذائية، على رداءتها، يملؤون بها بطونهم الجائعة. ولو أن المحكمة أطلقت سراحهم لعادوا إلى الغابة مع ذويهم لكي يناموا تحت الأشجار كما كان يصنع أجدادنا الأوائل الذين استوطنوا المغرب قبل آلاف السنين. ولم يجدوا من ماء يشربونه سوى مياه البرك الآسنة التي تحوم حولها الحشرات، ولم يجدوا من طعام يقتاتون عليه سوى تلك الكسرات القليلة من الخبز الذي يطهونه فوق روث البقر المجفف. أليس العيش داخل «حبس الزاكي» مع الآدميين أحسن من العيش داخل غابة المعمورة مع الحلوف. أعتقد أن جميع لاجئي غابة المعمورة يجب عليهم أن يطالبوا الدولة باعتقالهم وإيداعهم سجن الزاكي لثلاثة أشهر على الأقل، ما يكفي لكي تجف أراضيهم ويصبح ممكنا العيش فوقها من جديد.
وأظن أن الدولة لن ترد لهم هذا الطلب. فهي تعتقد أن الحل الدائم للكوارث الاجتماعية هو إيداع كل من يشكو منها السجن بتهمة التحريض على الاحتجاج. هكذا ينسى الجميع الكوارث ويتذكر فقط ضحاياها الذين احتجوا وذهبوا إلى السجون. لقد فعلوها في صفرو وسيدي إفني والغرب والريف. واليوم لم يعد الإعلام يتحدث عن ضحايا الفيضانات في الغرب، وإنما عن محاكمة ضحايا الفيضانات في الغرب. والشيء نفسه حدث في سيدي إفني، إذ لم يعد أحد يتحدث عن المطالب التي خرج السكان ينادون بها، وإنما أصبح الحديث كله اليوم يدور حول إطلاق سراح المعتقلين في أحداث سيدي إفني. إلى درجة أصبح معها خروج أحد المعتقلين من السجن إنجازا تاريخيا في حد ذاته.
إنه منطق غريب هذا الذي تتصرف به الدولة أمام مطالب السكان الذين تضربهم الكوارث الطبيعية. عندما احتج منكوبو منطقة الغرب على حرمانهم من الإعانات التي كانت تمر أمام أنوفهم نحو الجماعة التي يمثلها وزير العدل في البرلمان، أوقفت الدولة إعاناتها الموجهة إلى هذه المناطق بحجة أن هناك من يستغلها لأغراض انتخابية. ثم اعتقلت المحتجين الذين هاجموا شاحنات الإعانات وأرسلتهم إلى السجن. والحال أن الدولة كان عليها أن تعتقل أولئك الذين ضبطتهم يستعملون إعاناتها لأغراض انتخابية، وأن تطلق سراح الإعانات وتوزعها على الجائعين والعراة الذين يستحقونها. لكن منطق الدولة الغريب يقضي في مثل هذه الحالات بأن يتم اعتقال الإعانات ويتم إغماض العين عن الذين يستعملونها في حملتهم السابقة لأوانها.
«خلاو على يشدو المنتخبين اللي كايستعملو الطحين والقوالب ديال الدولة فالحملة، شدو القوالب والطحين».
والشيء نفسه حدث في الشمال عندما اعتقلوا الخياري رئيس «جمعية الريف لحقوق الإنسان» بتهمة تشويه سمعة السلطة، لمجرد أنه تحدث عن ضلوع شخصيات كبيرة في تجارة المخدرات. من يشوه سمعة السلطة حقيقة، الخياري رئيس الجمعية أم ذلك «العرام» من رجال الأمن والقوات المساعدة والبحرية الملكية والدرك الملكي الذين تم اعتقالهم ضمن شبكة تهريب المخدرات ونزلوا ضيوفا على عكاشة مؤخرا. هل هناك «شوهة» للسلطة والدولة أكثر من أن تعلن هذه الأخيرة بنفسها وفي وسائل إعلامها العمومية أنها اعتقلت العشرات من رجالها وموظفيها بمختلف رتبهم العسكرية والأمنية كان مفروضا فيهم حماية الوطن من تجار المخدرات، فإذا بهم ينشغلون بتسهيل مأموريتهم. إن من يشوه سمعة السلطة ليس هو من يتهم بعض رجالها بتوفيرهم الحماية لشبكات تهريب المخدرات، وإنما من يشوه سمعتها هم هؤلاء الذين يتواطؤون مع بارونات المخدرات ويستعملون سلطتهم لتوفير الغطاء اللازم لكي يفلت هؤلاء البارونات من العقاب. أو لكي يحصلوا على الأقل على ظروف التخفيف في السجون، كأن يحصلوا على رخص بمغادرة زنازينهم للسكن في أجنحة من فئة خمس نجوم في المستشفيات العقلية، حيث يمكنهم الدخول والخروج متى أحبوا، وربما الفرار منها أيضا. كما يريد الوكيل العام للملك بتطوان أن يصنع مع البارون «الشارف». أليس كذلك يا وزير العدل ؟
إن أكبر «شوهة» للسلطة والدولة هي أن يوجد اليوم في مغرب 2009، مغرب الحداثة والديمقراطية التي تغنى بها مؤتمرو حزب الأصالة والمعاصرة في بوزنيقة نهاية الأسبوع الماضي، حوالي 5000 مواطن يتقاسمون أدغال المعمورة مع الحيوانات والحشرات والزواحف دون أن تستطيع الدولة أو السلطة توفير أي حل لإعادة إسكانهم داخل بيوت تحترم الحد الأدنى لآدميتهم.
ولكي تتجنب الدولة «الشوهة» عليها أن تبادر إلى إجلاء كل تلك الآلاف من السكان الذين يتزاحمون مع الحلوف على مملكته بسرعة قبل أن تتحول غابة المعمورة إلى قبلة لجميع القنوات العالمية الباحثة عن الإثارة.
«ديك الساعة غادي تشوفو الشوهة العالمية كيف دايرة».
ومن سوء حظهم أيضا أن «هوانم» السادة الوزراء اللواتي ذهبت بهن أم البنين زوجة عباس الفاسي، في رحلة منظمة إلى قصر أمير الكويت، لم يسمعن بحوالي خمسة آلاف نسمة تتقاسم الغابة المجاورة للرباط مع الحلوف. وإذا كان الحلوف يجد ما يأكله في تلك الغابة، فإن المواطنين المغاربة الذين لجؤوا إليها لا يجدون ما يأكلونه سوى أظافرهم بسبب الحسرة وهم يرون «هوانم» السادة الوزراء يفضلن حمل الهدايا إلى أمير الكويت، في الوقت الذي لم تفكر فيه أية «هانم» من «هوانم» السادة الوزراء بالقيام بزيارة قصيرة لهؤلاء المنكوبين وتقديم ولو خبزة واحدة لأطفال غابة المعمورة الذين يتضورون جوعا وبردا منذ ثلاثة أسابيع.
فيبدو أن قلوب «هوانم» السادة الوزراء «هشيشة» ولا تتحمل رؤية البؤس والجوع والمرض الذي تحتضنه غابة المعمورة، ويفضلن عليها بريق ساعات «الروليكس» التي تعود الأمراء في الكويت والخليج العربي على إهدائها لضيوفهم. وإذا كان هؤلاء الأمراء الأثرياء يقدمون هدايا ثمينة لصحافيين مغاربة تافهين ينزلون ضيوفا على نفقتهم، فلكم أن تتخيلوا نوع الهدايا التي سيقدمونها لضيوفهم إذا كانوا من عيار «هوانم» الوزراء المغاربة. ولذلك ربما فكرت «الهوانم» في تنويع زيارات المجاملة نحو الدول التي تعرف طفرة نفطية كبيرة ولا يعرف أمراؤها ماذا يصنعون بكل الثروات التي جمعوها من عائدات النفط. وقبل زيارته للكويت، زار وفد زوجات الوزراء نفسه دولة مصر. ويبدو أن الهدايا لم تكن في المستوى، ولذلك يممن وجوههن شطر آبار النفط، حيث الهدايا أثمن وأنفس.
وكمقترح شخصي لهذه المبادرة التي تتزعمها «هوانم» السادة الوزراء، أقترح على أم البنين الفاسي إطلاق اسم «ضارت» على الرحلات الدبلوماسية التي تقودها نحو بلدان الخليج العربي. وفي كل مرة ينزلن ضيفات على بلد معين يحذفنه من اللائحة إلى أن يكملن الدائرة، ثم يبدأن «ضارت» من جديد. هكذا يمنحن مبادرتهن الدبلوماسية نكهة مغربية خالصة.
كان سيكون ظهور زوجات الوزراء إلى جانب نساء وأطفال منكوبي غابة المعمورة أجدى وأحسن للحكومة من ظهورهن في قصر أمير الكويت محزمات قفاطينهن بمضماتهن الذهبية وهن يتبادلن الهدايا الثمينة ويلتقطن الصور. فدور زوجات الوزراء في الدول الديمقراطية لا يقتصر فقط على حضور حفلات فنادق الخمس نجوم، وإنما يمتد أيضا إلى المجال الاجتماعي بالقرب من ضحايا الكوارث في الأحياء المهمشة والغابات التي تؤوي المشردين.
وفي الوقت الذي نشاهد فيه فنانين ومشاهير سينمائيين غربيين يقتطعون جزءا من وقتهم وثروتهم لإغاثة المنكوبين والفقراء والمرضى في بلدانهم، لم نسمع أن هيئة للفنانين أو نقابة للممثلين السينمائيين بالمغرب بادرت إلى القيام بزيارة لهؤلاء الآلاف من المغاربة اللاجئين في غابة المعمورة.
نسمع فقط مخرجين سينمائيين ومغنين وممثلين يتحدثون عن أموال الدعم التي يطلبون الحصول عليها، ونسمعهم فقط يتحدثون عن مداخيل أفلامهم وسهراتهم، التي يطالبون الدولة باعتقال كل من يصورها خلسة وتقديمه للمحاكمة.
وعلى ذكر المحاكمة، فقد فرحت شخصيا بحكم المحكمة الذي قضى بسجن المعتقلين في أحداث الخنيشات. وقبل أن تعقدوا حواجبكم استغرابا لفرحتي التي تظنون أنها في غير محلها، دعوني أشرح لكم سبب فرحتي بهذا الحكم. لقد فرحت من أجل هؤلاء الذين سيذهبون إلى السجن لأنهم على الأقل سيجدون سقفا ينامون تحته ووجبات غذائية، على رداءتها، يملؤون بها بطونهم الجائعة. ولو أن المحكمة أطلقت سراحهم لعادوا إلى الغابة مع ذويهم لكي يناموا تحت الأشجار كما كان يصنع أجدادنا الأوائل الذين استوطنوا المغرب قبل آلاف السنين. ولم يجدوا من ماء يشربونه سوى مياه البرك الآسنة التي تحوم حولها الحشرات، ولم يجدوا من طعام يقتاتون عليه سوى تلك الكسرات القليلة من الخبز الذي يطهونه فوق روث البقر المجفف. أليس العيش داخل «حبس الزاكي» مع الآدميين أحسن من العيش داخل غابة المعمورة مع الحلوف. أعتقد أن جميع لاجئي غابة المعمورة يجب عليهم أن يطالبوا الدولة باعتقالهم وإيداعهم سجن الزاكي لثلاثة أشهر على الأقل، ما يكفي لكي تجف أراضيهم ويصبح ممكنا العيش فوقها من جديد.
وأظن أن الدولة لن ترد لهم هذا الطلب. فهي تعتقد أن الحل الدائم للكوارث الاجتماعية هو إيداع كل من يشكو منها السجن بتهمة التحريض على الاحتجاج. هكذا ينسى الجميع الكوارث ويتذكر فقط ضحاياها الذين احتجوا وذهبوا إلى السجون. لقد فعلوها في صفرو وسيدي إفني والغرب والريف. واليوم لم يعد الإعلام يتحدث عن ضحايا الفيضانات في الغرب، وإنما عن محاكمة ضحايا الفيضانات في الغرب. والشيء نفسه حدث في سيدي إفني، إذ لم يعد أحد يتحدث عن المطالب التي خرج السكان ينادون بها، وإنما أصبح الحديث كله اليوم يدور حول إطلاق سراح المعتقلين في أحداث سيدي إفني. إلى درجة أصبح معها خروج أحد المعتقلين من السجن إنجازا تاريخيا في حد ذاته.
إنه منطق غريب هذا الذي تتصرف به الدولة أمام مطالب السكان الذين تضربهم الكوارث الطبيعية. عندما احتج منكوبو منطقة الغرب على حرمانهم من الإعانات التي كانت تمر أمام أنوفهم نحو الجماعة التي يمثلها وزير العدل في البرلمان، أوقفت الدولة إعاناتها الموجهة إلى هذه المناطق بحجة أن هناك من يستغلها لأغراض انتخابية. ثم اعتقلت المحتجين الذين هاجموا شاحنات الإعانات وأرسلتهم إلى السجن. والحال أن الدولة كان عليها أن تعتقل أولئك الذين ضبطتهم يستعملون إعاناتها لأغراض انتخابية، وأن تطلق سراح الإعانات وتوزعها على الجائعين والعراة الذين يستحقونها. لكن منطق الدولة الغريب يقضي في مثل هذه الحالات بأن يتم اعتقال الإعانات ويتم إغماض العين عن الذين يستعملونها في حملتهم السابقة لأوانها.
«خلاو على يشدو المنتخبين اللي كايستعملو الطحين والقوالب ديال الدولة فالحملة، شدو القوالب والطحين».
والشيء نفسه حدث في الشمال عندما اعتقلوا الخياري رئيس «جمعية الريف لحقوق الإنسان» بتهمة تشويه سمعة السلطة، لمجرد أنه تحدث عن ضلوع شخصيات كبيرة في تجارة المخدرات. من يشوه سمعة السلطة حقيقة، الخياري رئيس الجمعية أم ذلك «العرام» من رجال الأمن والقوات المساعدة والبحرية الملكية والدرك الملكي الذين تم اعتقالهم ضمن شبكة تهريب المخدرات ونزلوا ضيوفا على عكاشة مؤخرا. هل هناك «شوهة» للسلطة والدولة أكثر من أن تعلن هذه الأخيرة بنفسها وفي وسائل إعلامها العمومية أنها اعتقلت العشرات من رجالها وموظفيها بمختلف رتبهم العسكرية والأمنية كان مفروضا فيهم حماية الوطن من تجار المخدرات، فإذا بهم ينشغلون بتسهيل مأموريتهم. إن من يشوه سمعة السلطة ليس هو من يتهم بعض رجالها بتوفيرهم الحماية لشبكات تهريب المخدرات، وإنما من يشوه سمعتها هم هؤلاء الذين يتواطؤون مع بارونات المخدرات ويستعملون سلطتهم لتوفير الغطاء اللازم لكي يفلت هؤلاء البارونات من العقاب. أو لكي يحصلوا على الأقل على ظروف التخفيف في السجون، كأن يحصلوا على رخص بمغادرة زنازينهم للسكن في أجنحة من فئة خمس نجوم في المستشفيات العقلية، حيث يمكنهم الدخول والخروج متى أحبوا، وربما الفرار منها أيضا. كما يريد الوكيل العام للملك بتطوان أن يصنع مع البارون «الشارف». أليس كذلك يا وزير العدل ؟
إن أكبر «شوهة» للسلطة والدولة هي أن يوجد اليوم في مغرب 2009، مغرب الحداثة والديمقراطية التي تغنى بها مؤتمرو حزب الأصالة والمعاصرة في بوزنيقة نهاية الأسبوع الماضي، حوالي 5000 مواطن يتقاسمون أدغال المعمورة مع الحيوانات والحشرات والزواحف دون أن تستطيع الدولة أو السلطة توفير أي حل لإعادة إسكانهم داخل بيوت تحترم الحد الأدنى لآدميتهم.
ولكي تتجنب الدولة «الشوهة» عليها أن تبادر إلى إجلاء كل تلك الآلاف من السكان الذين يتزاحمون مع الحلوف على مملكته بسرعة قبل أن تتحول غابة المعمورة إلى قبلة لجميع القنوات العالمية الباحثة عن الإثارة.
«ديك الساعة غادي تشوفو الشوهة العالمية كيف دايرة».
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى