النزعة البوجعرانية
النزعة البوجعرانية
لو لم يضع محررو الصحف تعليقا تحت الصور التي نشروها حول عمارة «دار السباعي» المتهالكة التي انهار سقفها بسبب الأمطار الأخيرة في بنمسيك، لاعتقد الجميع أنها امتداد لصور البيوت المنهارة في غزة. الفرق الوحيد بينهما هو أن بيوت غزة انهارت بالصواريخ والقذائف، بينما بيوتنا وأسقف مدارسنا وأسوارها تسقط بسبب الغش في البناء والأمطار. وقد انتبه سكان العمارة المتضررين إلى وجه الشبه هذا، فقاموا بكتابة لافتة وضعوا لها العنوان التالي «غزة المغرب». فقد وجدوا أن هذا الاسم يصلح كثيرا لوصف حال عمارتهم، وربما أفضل من اسم «الطيطانيك» الذي أطلقوه عليها في السابق بسبب شكلها الشبيه بالبابور والذي يمخر بهم كل ليلة عباب المجهول.
وفي الوقت الذي نصبت فيه السلطة الخيام فوق أنقاض غزة لكي يستأنف التلاميذ الدراسة بعد شهر واحد فقط من التوقف، فكرت السلطات في الدار البيضاء بنصب خيام الوقاية المدنية الصفراء لإيواء ثلاثين أسرة في العراء. هكذا أصبح لدينا في قلب الدار البيضاء نحن أيضا مخيم للاجئين يضم حوالي 170 مواطنا منكوبا. ولعله من حسن حظ هؤلاء المواطنين أن السلطات فكرت عند إيواء هؤلاء المنكوبين في توفير التجهيزات التي يحتاجونها لقضاء حوائجهم، ووضعت بالقرب من خيامهم مراحيض متنقلة للنساء والرجال.
ولنا أن نتصور حالة هؤلاء المنكوبين الذين أصبحوا مجبرين على السكن في الخيام في هذا الطقس البارد حيث درجات الحرارة تنخفض داخل البيوت بين الجدران، فما بالك بالسكن وسط قطع من القماش. ولعل أقصى ما يطالب به هؤلاء المنكوبون أن لا تعاود الأمطار إلى الهطول مجددا، فيكفيهم «الصميقلي» الذي يهب هذه الأيام.
مناطق كثيرة في الدار البيضاء أصبحت تشبه غزة في خراب بيوتها وتقليب طرقها وأرصفتها. إلى درجة أن صحيفة «ليكونوميست» شبهت في افتتاحيتها التي عنونتها «غزة بلانكا»، فعالية المصالح البلدية والمقاطعات والشركات التي تفوز بصفقاتها بالدار البيضاء بالفعالية التي دمر بها الجيش الإسرائيلي الطرق والأرصفة وقطع الكهرباء والهاتف وعرقلة السير العادي للنشاط الاقتصادي في غزة.
وربما سيجد البعض التشبيه قاسيا وفي غير محله. لكن النزعة «البوجعرانية»، نسبة إلى حشرة «بوجعران» المولعة بالحفر و«التكوار»، التي تكشف عنها بعض المصالح في الدار البيضاء والرباط في الأشهر الأخيرة تدعو فعلا إلى التساؤل عن سبب كل هذا الولع بالحفر المتواصل للأزقة والشوارع وترك أحشائها مشتتة.
والغريب في الأمر أن شهية حفر أرصفة الأحياء حيث يكثر الرواج التجاري، لا تراود هؤلاء المسؤولين إلا عندما يقترب موسم التخفيضات. فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الجماعات المحلية والبلديات والمقاطعات مساعدة الاقتصاد المغربي بها على تجاوز الأزمة. ومن يزور اليوم أحياء كالمعاريف وعين الذياب بالدار البيضاء يحتاج إلى قناطر لكي يستطيع دخول المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم الموجودة هناك. وربما سيكون على أصحاب هذه المتاجر والمحلات حفر أنفاق تحت أرضية لتحدي الحصار الذي تضربه عليهم آليات الحفر والهدم.
وهذه ظاهرة غريبة في المغرب. فبمجرد ما يقترب موسم «الصولد» حتى تقلب المجالس المنتخبة أرصفة الأحياء المعروفة بنشاطها الاقتصادي. وبمجرد ما يبدأ الموسم السياحي وتعلن وزارة السياحة عن برنامجها لجلب المزيد من السياح حتى تفاجئها وزارة الداخلية بخبر تفكيك خلايا إرهابية نائمة كانت تستعد لمهاجمة مركبات سياحية وفنادق مصنفة. «وسير نتا جيب السياح ديك الساعة».
والواقع أن القاسم المشترك بين كل الولاة الذين تعاقبوا على مدينة الدار البيضاء هو الفشل في ترويض هذه المدينة المتوحشة. ولذلك ربما أراد الوالي الجديد، حلب، أن يوضح لمستخدميه برنامج عمله الذي يقوم على «الضرب والجرح». فقد صرخ قبل أمس في وجه أحد المخازنية قائلا «عنداك، راه كانضرب». وبقي المخزني مسمرا في مكانه لا يعرف ماذا حل به. وعندما كان حلب واليا على طنجة طرد موظفا بالولاية أراد أن أخذ المصعد معه. وبما أن الوالي حلب ليست لديه القدرة على الجلوس في مكتبه بالولاية مفضلا التجول في الأوراش المفتوحة، فإن مسيري هذه الأوراش عليهم أن يتوقعوا مواقف مشابهة لما وقع للمخزني. فالوالي الجديد يطلع له السكر بسرعة.
والجواب ربما عن هذه السلوكيات الغريبة للمغاربة نجده في تقرير لوزيرة «الشيكي» ياسمينة بادو، التي وجدت أن هناك ملايين محترمة من المغاربة مصابين بانفصام الشخصية.
أنا شخصيا أستطيع أن أقول أن ثلاثين مليون مغربي كلهم مصابون بالانفصام في الشخصية. كلنا لدينا أكثر من وجه، والمحظوظ فينا هو الذي لديه وجهان فقط. «بنادم أوطوروفريس بحال الراديو كاسيط»، يدور في ساعة واحد «على جوج جيهات». ولهذا أصبح الواحد منا عندما يقول نعم فهو يقصد لا، وعندما يقول لك أنه سيأتي إلى موعد حدده معك فهذا يعني أنه لن يأتي. وهذا طبعا انعكس على العمل السياسي عندنا، فكل الحكومات التي تناوبت علينا عانت من انفصام الشخصية، كلهم كانوا يتحدثون في البرلمان عندما كانوا في المعارضة ويضربون بقبضات أيديهم على الطاولة دفاعا عن الطبقات الشعبية، وعندما وصلوا إلى الحكومة قلبوا وجوههم علينا وعوضوا الضرب على ظهورنا مكان الضرب على الطاولة. من يستطيع منكم أن يقنعني مثلا أن والعلو الذي كان يصرخ في البرلمان، إلى درجة أنه كان يبلل أوراقه بالبصاق المتطاير من فمه دفاعا عنا، هو نفسه والعلو الذي سلط ضرائبه المجنونة على رواتبنا وطعام أطفالنا. وكم ضحكت، عندما سمعت المحجوبي أحرضان أكبر زعيم حزبي في العالم، في السن طبعا، يقول لعباس الفاسي أنهما يجب أن ينسيا مشاكل الماضي ويتفرغا للمستقبل. «واش أعباد الله الراجل قريب يكمل قرن فعمرو ومازال طامع فالمستقبل». كيف لا يصاب الإنسان بالعصاب والفالج عندما يسمع مثل هذه التصريحات، وليس فقط بالانفصام.
والحقيقة أن جزءا كبيرا من معاناة المغاربة النفسية سببها هو هؤلاء الزعماء السياسيون الذين قال عنهم أحدهم في واحدة من تجلياته الشعرية أن عزرائيل سيتكفل بهم إذا لم يفهموا رؤوسهم وينسحبوا من العمل السياسي. ففي دار الورثة هذه المسماة بلادا لا أحد يقبل بأن يترك مكانه للآخرين عندما يستنفد وقته القانوني، «اللي شد شي بلاصة يدير فيها مسمار جحا». وحتى إذا خرج منها يكتبها في اسم أحد أبنائه. وأمامكم أمثلة كثيرة، ياسمينة بادو خلا ليها الوزارة جدها، وعباس الفاسي تركها له جده الذي كان اسمه أيضا عباس الفاسي، وكريم غلاب تركها له أجداده. وهناك فضلا عن الوزراء الورثة نوع آخر من الوزراء يمكن أن نسميهم وزراء الغفلة «غير مصاطحين مع تاويزاريت وصافي»، كثريا جبران قريطيف مثلا، التي نسيت نفسها في مسرح محمد الخامس وبدأت تجذب وتبكي وهي تصرخ تضامنا مع غزة. ولولا أن بعض سعاة الخير أعادوها إلى رشدها وذكروها بالصفة الحكومية التي تحمل لكانت أكملت الأمسية بنديب الحناك.
ومن بين النتائج التي خلص إليها أحد المؤتمرات التي عقدت لمناقشة نتائج دراسة وزارة الصحة هو أن واحدا من أسباب إصابة المغاربة بالأمراض النفسية هو غياب وسائل الترفيه. التلفزيون عندنا متجهم ولا يضحك إلا مرة واحدة كل رمضان، «وشي ضحك باسل من الفوق». البرامج السياسية والحوارية كلها ترفع شعارا واحدا وهو لا للابتسام أو السخرية، «كلشي رابط غوباشتو بحال إلى باركين فدار العزو ماشي فبرنامج». ولهذا السبب تجد أغلب المغاربة «مدورين الطبسيل جهة الخاريج. شي مبرونشي على لاخرة وشاد اقرأ، شي مبرونشي على المسخ». وهناك من لا يريد أن يعرف لا آخر التطورات في غزة ولا في غيرها من نقط التوتر في العالم، كل ما يهمه هو متابعة آخر «الفيديو سليبات» التي تقدمها هيفاء وهبي ونانسي عجرم وروبي على الفضائحيات العربية.
وأقترح أن تخصص دراسة علمية تحاول البحث في مدى تأثير أعمال الحفر والهدم والتنقيب التي تباشرها مجالس المدن على السلامة العقلية للمغاربة. وأنا متأكد من أن الدراسة ستعثر على علاقة وطيدة بين هذه الأوراش الأبدية وبين إصابة المغاربة بالاكتئاب والانفصام والانطواء.
خصوصا النطواء، فقد رأيت أكثر من مواطن «تطوا على جوج» وهو يهوي في حفرة تركها عمال البناء بدون غطاء.
وفي الوقت الذي نصبت فيه السلطة الخيام فوق أنقاض غزة لكي يستأنف التلاميذ الدراسة بعد شهر واحد فقط من التوقف، فكرت السلطات في الدار البيضاء بنصب خيام الوقاية المدنية الصفراء لإيواء ثلاثين أسرة في العراء. هكذا أصبح لدينا في قلب الدار البيضاء نحن أيضا مخيم للاجئين يضم حوالي 170 مواطنا منكوبا. ولعله من حسن حظ هؤلاء المواطنين أن السلطات فكرت عند إيواء هؤلاء المنكوبين في توفير التجهيزات التي يحتاجونها لقضاء حوائجهم، ووضعت بالقرب من خيامهم مراحيض متنقلة للنساء والرجال.
ولنا أن نتصور حالة هؤلاء المنكوبين الذين أصبحوا مجبرين على السكن في الخيام في هذا الطقس البارد حيث درجات الحرارة تنخفض داخل البيوت بين الجدران، فما بالك بالسكن وسط قطع من القماش. ولعل أقصى ما يطالب به هؤلاء المنكوبون أن لا تعاود الأمطار إلى الهطول مجددا، فيكفيهم «الصميقلي» الذي يهب هذه الأيام.
مناطق كثيرة في الدار البيضاء أصبحت تشبه غزة في خراب بيوتها وتقليب طرقها وأرصفتها. إلى درجة أن صحيفة «ليكونوميست» شبهت في افتتاحيتها التي عنونتها «غزة بلانكا»، فعالية المصالح البلدية والمقاطعات والشركات التي تفوز بصفقاتها بالدار البيضاء بالفعالية التي دمر بها الجيش الإسرائيلي الطرق والأرصفة وقطع الكهرباء والهاتف وعرقلة السير العادي للنشاط الاقتصادي في غزة.
وربما سيجد البعض التشبيه قاسيا وفي غير محله. لكن النزعة «البوجعرانية»، نسبة إلى حشرة «بوجعران» المولعة بالحفر و«التكوار»، التي تكشف عنها بعض المصالح في الدار البيضاء والرباط في الأشهر الأخيرة تدعو فعلا إلى التساؤل عن سبب كل هذا الولع بالحفر المتواصل للأزقة والشوارع وترك أحشائها مشتتة.
والغريب في الأمر أن شهية حفر أرصفة الأحياء حيث يكثر الرواج التجاري، لا تراود هؤلاء المسؤولين إلا عندما يقترب موسم التخفيضات. فهذه هي الطريقة الوحيدة التي تستطيع الجماعات المحلية والبلديات والمقاطعات مساعدة الاقتصاد المغربي بها على تجاوز الأزمة. ومن يزور اليوم أحياء كالمعاريف وعين الذياب بالدار البيضاء يحتاج إلى قناطر لكي يستطيع دخول المحلات التجارية والمقاهي والمطاعم الموجودة هناك. وربما سيكون على أصحاب هذه المتاجر والمحلات حفر أنفاق تحت أرضية لتحدي الحصار الذي تضربه عليهم آليات الحفر والهدم.
وهذه ظاهرة غريبة في المغرب. فبمجرد ما يقترب موسم «الصولد» حتى تقلب المجالس المنتخبة أرصفة الأحياء المعروفة بنشاطها الاقتصادي. وبمجرد ما يبدأ الموسم السياحي وتعلن وزارة السياحة عن برنامجها لجلب المزيد من السياح حتى تفاجئها وزارة الداخلية بخبر تفكيك خلايا إرهابية نائمة كانت تستعد لمهاجمة مركبات سياحية وفنادق مصنفة. «وسير نتا جيب السياح ديك الساعة».
والواقع أن القاسم المشترك بين كل الولاة الذين تعاقبوا على مدينة الدار البيضاء هو الفشل في ترويض هذه المدينة المتوحشة. ولذلك ربما أراد الوالي الجديد، حلب، أن يوضح لمستخدميه برنامج عمله الذي يقوم على «الضرب والجرح». فقد صرخ قبل أمس في وجه أحد المخازنية قائلا «عنداك، راه كانضرب». وبقي المخزني مسمرا في مكانه لا يعرف ماذا حل به. وعندما كان حلب واليا على طنجة طرد موظفا بالولاية أراد أن أخذ المصعد معه. وبما أن الوالي حلب ليست لديه القدرة على الجلوس في مكتبه بالولاية مفضلا التجول في الأوراش المفتوحة، فإن مسيري هذه الأوراش عليهم أن يتوقعوا مواقف مشابهة لما وقع للمخزني. فالوالي الجديد يطلع له السكر بسرعة.
والجواب ربما عن هذه السلوكيات الغريبة للمغاربة نجده في تقرير لوزيرة «الشيكي» ياسمينة بادو، التي وجدت أن هناك ملايين محترمة من المغاربة مصابين بانفصام الشخصية.
أنا شخصيا أستطيع أن أقول أن ثلاثين مليون مغربي كلهم مصابون بالانفصام في الشخصية. كلنا لدينا أكثر من وجه، والمحظوظ فينا هو الذي لديه وجهان فقط. «بنادم أوطوروفريس بحال الراديو كاسيط»، يدور في ساعة واحد «على جوج جيهات». ولهذا أصبح الواحد منا عندما يقول نعم فهو يقصد لا، وعندما يقول لك أنه سيأتي إلى موعد حدده معك فهذا يعني أنه لن يأتي. وهذا طبعا انعكس على العمل السياسي عندنا، فكل الحكومات التي تناوبت علينا عانت من انفصام الشخصية، كلهم كانوا يتحدثون في البرلمان عندما كانوا في المعارضة ويضربون بقبضات أيديهم على الطاولة دفاعا عن الطبقات الشعبية، وعندما وصلوا إلى الحكومة قلبوا وجوههم علينا وعوضوا الضرب على ظهورنا مكان الضرب على الطاولة. من يستطيع منكم أن يقنعني مثلا أن والعلو الذي كان يصرخ في البرلمان، إلى درجة أنه كان يبلل أوراقه بالبصاق المتطاير من فمه دفاعا عنا، هو نفسه والعلو الذي سلط ضرائبه المجنونة على رواتبنا وطعام أطفالنا. وكم ضحكت، عندما سمعت المحجوبي أحرضان أكبر زعيم حزبي في العالم، في السن طبعا، يقول لعباس الفاسي أنهما يجب أن ينسيا مشاكل الماضي ويتفرغا للمستقبل. «واش أعباد الله الراجل قريب يكمل قرن فعمرو ومازال طامع فالمستقبل». كيف لا يصاب الإنسان بالعصاب والفالج عندما يسمع مثل هذه التصريحات، وليس فقط بالانفصام.
والحقيقة أن جزءا كبيرا من معاناة المغاربة النفسية سببها هو هؤلاء الزعماء السياسيون الذين قال عنهم أحدهم في واحدة من تجلياته الشعرية أن عزرائيل سيتكفل بهم إذا لم يفهموا رؤوسهم وينسحبوا من العمل السياسي. ففي دار الورثة هذه المسماة بلادا لا أحد يقبل بأن يترك مكانه للآخرين عندما يستنفد وقته القانوني، «اللي شد شي بلاصة يدير فيها مسمار جحا». وحتى إذا خرج منها يكتبها في اسم أحد أبنائه. وأمامكم أمثلة كثيرة، ياسمينة بادو خلا ليها الوزارة جدها، وعباس الفاسي تركها له جده الذي كان اسمه أيضا عباس الفاسي، وكريم غلاب تركها له أجداده. وهناك فضلا عن الوزراء الورثة نوع آخر من الوزراء يمكن أن نسميهم وزراء الغفلة «غير مصاطحين مع تاويزاريت وصافي»، كثريا جبران قريطيف مثلا، التي نسيت نفسها في مسرح محمد الخامس وبدأت تجذب وتبكي وهي تصرخ تضامنا مع غزة. ولولا أن بعض سعاة الخير أعادوها إلى رشدها وذكروها بالصفة الحكومية التي تحمل لكانت أكملت الأمسية بنديب الحناك.
ومن بين النتائج التي خلص إليها أحد المؤتمرات التي عقدت لمناقشة نتائج دراسة وزارة الصحة هو أن واحدا من أسباب إصابة المغاربة بالأمراض النفسية هو غياب وسائل الترفيه. التلفزيون عندنا متجهم ولا يضحك إلا مرة واحدة كل رمضان، «وشي ضحك باسل من الفوق». البرامج السياسية والحوارية كلها ترفع شعارا واحدا وهو لا للابتسام أو السخرية، «كلشي رابط غوباشتو بحال إلى باركين فدار العزو ماشي فبرنامج». ولهذا السبب تجد أغلب المغاربة «مدورين الطبسيل جهة الخاريج. شي مبرونشي على لاخرة وشاد اقرأ، شي مبرونشي على المسخ». وهناك من لا يريد أن يعرف لا آخر التطورات في غزة ولا في غيرها من نقط التوتر في العالم، كل ما يهمه هو متابعة آخر «الفيديو سليبات» التي تقدمها هيفاء وهبي ونانسي عجرم وروبي على الفضائحيات العربية.
وأقترح أن تخصص دراسة علمية تحاول البحث في مدى تأثير أعمال الحفر والهدم والتنقيب التي تباشرها مجالس المدن على السلامة العقلية للمغاربة. وأنا متأكد من أن الدراسة ستعثر على علاقة وطيدة بين هذه الأوراش الأبدية وبين إصابة المغاربة بالاكتئاب والانفصام والانطواء.
خصوصا النطواء، فقد رأيت أكثر من مواطن «تطوا على جوج» وهو يهوي في حفرة تركها عمال البناء بدون غطاء.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى