وطنية زائدة عن اللزوم
وطنية زائدة عن اللزوم
هذه الأيام تجول في شوارع الرباط حافلات تابعة لثلاث شركات نقل ظلت تنفرد باستغلال النقل العمومي بالعاصمة لعقود، حاملة شعارات مكتوبة بنبرة وطنية زائدة، تنتقد فيها تفويت قطاع النقل الحضري بالرباط لشركة «فيوليا» الفرنسية. الشعارات مكتوبة فوق لافتة من الكرتون معلقة على زجاج النوافذ الخلفية للحافلات «المحرتكة» التي تنقل المواطنين داخل العاصمة، وكلها شعارات تنتصر للشركات الوطنية والأولوية التي يجب أن تحظى بها مقارنة بالشركات الأجنبية.
أولا ليس هناك مغربي حقيقي يقبل أن تفوت الدولة أو مجلس المدينة قطاعا من قطاعاتها لشركات أجنبية، مفضلة إياها على الشركات الوطنية، فالمصلحة الوطنية تبقى فوق كل المصالح الأجنبية.
لكن هذه «النعرة» الوطنية لا تمنع أيضا من محاسبة هذه الشركات التي يريد بعضها تحت يافطة الوطنية إجبار المغاربة على القبول بخدماتها الرديئة واستعمال وسائلها البدائية وبلع فواتيرها المتزايدة بدون مناقشة.
ومن يركب حافلات النقل الحضري التي تملكها بعض الشركات «الوطنية»، يخيل إليه أنه يركب شاحنة لنقل البهائم وليس البشر. وفي الدار البيضاء هناك حافلات يستعمل داخلها راكبوها المظلات عندما تهطل الأمطار بسبب تسرب القطرة من سقوفها المثقوبة. أما المقاعد فيجب عليك أن تكون رياضيا متخصصا في «اليوغا» حتى تتحمل الجلوس فوقها دون أن «يموت» عليك نصفك السفلي بسبب ضيق المسافة بين كرسيك وكرسي جارك الذي يجلس أمامك. أما بالنسبة للتدفئة في فصل الشتاء فليس هناك سوى «صهد بنادم» لكي يدفئ الحافلة. بينما في الصيف تتحول الحافلة إلى «كولوار» تسوط فيه التيارات الهوائية من كل جانب بسبب زجاج النوافذ المشرعة عن آخرها. هذا طبعا إذا كان هناك زجاج في النوافذ.
معظم حافلات هذه الشركات «الوطنية» متسخة و«معفونة»، مقابضها يكسوها الصدأ، ورائحتها عطنة تجعلك تبدأ نهارك برغبة في الغثيان.
وفي أغلب هذه الحافلات التي تملكها شركات «وطنية»، يعيش عمالها ومستخدموها تحت رحمة أمزجة أصحابها. مما ينعكس على جودة الخدمات التي يقدمونها للزبائن. ولذلك تصعد حافلة في الصباح لكي تتوجه نحو عملك فتكتشف أنك دخلت في مناقشات جانبية مع السائق الذي يقسم بكل الأولياء الصالحين بأنه لن يتوقف في المحطة المقبلة لأنها «رشقات ليه»، أو «الروسوفور» المقطوع من حصته الصباحية من النيكوتين والذي يوشك أن يضربك لأنك لا تحمل معك الصرف، أو «الكونطرولور» الذي يوقف الحافلة لكي يتشاجر مع أحد «السالتين» ويتبادل معه الكلام النابي بدون احترام للراكبين.
وهؤلاء جميعهم يفرغون غضبهم على رؤوس الزبائن بسبب الأوضاع المهنية القاسية التي يعيشونها في شركاتهم مع مشغليهم. فأكثرهم يجر وراءه سنوات من العمل بدون ضمان اجتماعي أو تقاعد أو حق في العطلة. فيتحولون مع مرور الوقت إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجوه الزبائن عند أول احتكاك.
أما أصحاب هذه الشركات الذين يحركون عمالهم ومستخدميهم للاحتجاج اليوم على تفويت صفقة النقل الحضري بالرباط لشركة «فيوليا»، فهؤلاء يجلسون في مكاتب شركاتهم المكيفة، يحصون أرباحهم اليومية التي يجنونها بحافلاتهم المتهالكة بعيدا عن المحاسبة.
لو كانت لدينا شركات نقل حضري تحترم زبائنها وتوفر لهم حافلات لائقة بهم، تحترم مواقيتها وتقدم عروضا تحفيزية للاشتراك في خدماتها، لكان هؤلاء الزبائن أول من سيخرج للاحتجاج على تفويت قطاع النقل الحضري لشركة أجنبية. وبما أن الزبائن هم أول ضحايا هذه الشركات وخدماتها «المزفتة»، فإن دخول شركة أجنبية لمجال النقل الحضري سيكون بالنسبة إليهم فرصة للحصول على خدمات أفضل.
أما حكاية الوطنية وأسبقية الشركات الوطنية، فخرافة لم تعد تنطلي على المواطنين. فليس باسم الوطنية سيستمر هؤلاء الزبائن في استهلاك منتوج «وطني» رديء، الرابح الأكبر من ورائه هم «مالين الشكارة» الذين يختفون في مكاتبهم حيث لا تصلهم شكايات الزبائن.
إن الدرس الوحيد الذي يجب أن نستخلصه كمواطنين وكمسؤولين من وراء تفويت الدولة ومجالس المدن لصفقات تدبير شؤون المواطنين لشركات أجنبية، هو أننا شعب يعاني من الفشل والغش ولا يستطيع تدبير شؤونه بمفرده. لقد جربنا لسنوات تدبير شؤون مائنا وكهربائنا وقنوات أوديتنا الحارة، وفي الأخير فشلنا فشلا ذريعا وفوتنا هذه القطاعات للشركات الفرنسية والإسبانية. حتى أننا فشلنا في جمع أزبالنا والتخلص منها، فجئنا بمن يجمعها لنا ثم يحولها إلى طاقة بديلة ويعيد بيعها لنا بدقة للنيف.
أنا مع شركات وطنية لتدبير شؤون المغاربة اليومية. لكن ليس بشركات تستعمل وسائل بدائية وتمنح خدمات «مزعلكة» تتسبب في رفع نسبة السكر في دماء الزبائن. متى كان المغاربة يقفون في الصف ويأخذون أرقاما من الآلة لكي ينتظروا دورهم من أجل تسديد فواتيرهم. ألم يكتشف المغاربة ذلك مع شركات التدبير المفوض الأجنبية. يمكن أن ننتقد فواتير هذه الشركات الأجنبية المرتفعة، ولجوء بعضها إلى تهريب جزء من أرباحها بعيدا عن أعين مفتشي الضرائب، كما صنعت شركة «ليديك» الفرنسية. لكن في غياب شركات وطنية بالفعل، لديها غيرة على الوطن، وفي غياب مجالس منتخبة مسؤولة تتابع عن كثب الصفقات التي تمنحها للشركات المستفيدة من أموال دافعي الضرائب، ليس هناك من حل سوى اللجوء إلى هؤلاء الأجانب. على الأقل لكي يعلمونا الوقوف في الصف واحترام دورنا. فيبدو أننا بعد ثلاث وخمسين سنة من الاستقلال لازلنا بحاجة إلى الحماية حتى لا نأكل بعضنا البعض.
المثير في حرب الشركات المسماة «وطنية» ضد الوافد الأجنبي الجديد في الرباط، هو أن البعض اكتشف بأن شركة «فيوليا» الفرنسية فقدت صفقة بقيمة 1.9 مليار أورو بأستوكهولم بسبب فوزها بصفقة تدبير ميترو بإسرائيل يربط بين القدس الغربية الواقعة تحت الاحتلال والمستوطنات التي تنبت قرب منطقة القدس الشرقية تمهيدا لضمها لإسرائيل. وبسبب ذلك قام عدد كبير من الأحزاب والجمعيات الفرنسية برفع قضايا ضد الشركة الفرنسية لوقف مشروعها بالقدس.
وإذا كنا متفقين مع فكرة مقاطعة الشركات الأجنبية التي تساعد إسرائيل على تطبيق مخططاتها الاستيطانية لتهويد القدس والسطو على أراضي الفلسطينيين بالقوة، فإن هذا لا يعني أن نسكت على محاولة استغلال القضية الفلسطينية بحشرها في صراع مالي صرف لا أثر فيه للوطنية أو العروبة بين شركات متصارعة حول كعكة النقل الحضري بالرباط.
الجميع يعرف أن شركة «فيوليا» فازت بصفقة ترامواي القدس سنة 2006، وهي خلال هذا التاريخ كانت متواجدة بالمغرب، فأين كان يا ترى هؤلاء «المناضلون» من أجل القضية الفلسطينية لكي ينتفضوا ضد «فيوليا» قبل أن تكبر وتصبح لديها أذرع كثيرة في المغرب كشركة «ريضال» و«أمانديس» و«فيوليا للنظافة». اليوم فقط اكتشفوا أن هذه الشركة تقوم بأشغال الربط الطرقي بين القدس والمستوطنات.
عندما ينشب صراع مصالح بين شركات متنافسة يستحسن أن يترك الجميع القضايا المقدسة للأمة جانبا. حتى لا تتلطخ دماء الشهداء الطاهرة بالحسابات الرخيصة للبعض. وأعتقد أن النقاش الذي يجب أن تفتحه المعارضة في البرلمان، ليس صفقة منح النقل الحضري لشركة «فيوليا» مادام 65 بالمائة من رأسمال هذه الشركة سيبقى مغربيا، ولكن كون كريم غلاب وزير التجهيز منح صفقة تدبير سكك الترامواي الذي سيربط بين سلا والرباط لشركة «ألستوم» الفرنسية، بالإضافة إلى منحها صفقة قطارات «التي جي في» السريعة، وصفقة قاطرات «بريما». على الرغم من كون أصابع الاتهام موجهة لهذه الشركة في كل من آسيا وأمريكا اللاتينية بعدما فتحت لها قضية في المحاكم الفرنسية بعد نشر جريدة «الوالت ستريت جورنال» تحقيقا تكشف فيه أن شركة «ألستوم» قدمت عدة ملايين من الدولارات كرشوة للحصول على صفقات لقطاراتها السريعة في آسيا وأمريكا اللاتينية ما بين 1995 و2003.
هذه مثلا قضية تستحق أن تناقش، لأنها تمس ميزانية التجهيز التي تخرج مباشرة من جيوب دافعي الضرائب. أما القضايا التي تمس مصالح الشركات الخاصة، فيستحسن أن تحل بعيدا عن فلسطين وعن شعارات الوطنية الرنانة.
فمن يحب الوطن لا يغشه.
أولا ليس هناك مغربي حقيقي يقبل أن تفوت الدولة أو مجلس المدينة قطاعا من قطاعاتها لشركات أجنبية، مفضلة إياها على الشركات الوطنية، فالمصلحة الوطنية تبقى فوق كل المصالح الأجنبية.
لكن هذه «النعرة» الوطنية لا تمنع أيضا من محاسبة هذه الشركات التي يريد بعضها تحت يافطة الوطنية إجبار المغاربة على القبول بخدماتها الرديئة واستعمال وسائلها البدائية وبلع فواتيرها المتزايدة بدون مناقشة.
ومن يركب حافلات النقل الحضري التي تملكها بعض الشركات «الوطنية»، يخيل إليه أنه يركب شاحنة لنقل البهائم وليس البشر. وفي الدار البيضاء هناك حافلات يستعمل داخلها راكبوها المظلات عندما تهطل الأمطار بسبب تسرب القطرة من سقوفها المثقوبة. أما المقاعد فيجب عليك أن تكون رياضيا متخصصا في «اليوغا» حتى تتحمل الجلوس فوقها دون أن «يموت» عليك نصفك السفلي بسبب ضيق المسافة بين كرسيك وكرسي جارك الذي يجلس أمامك. أما بالنسبة للتدفئة في فصل الشتاء فليس هناك سوى «صهد بنادم» لكي يدفئ الحافلة. بينما في الصيف تتحول الحافلة إلى «كولوار» تسوط فيه التيارات الهوائية من كل جانب بسبب زجاج النوافذ المشرعة عن آخرها. هذا طبعا إذا كان هناك زجاج في النوافذ.
معظم حافلات هذه الشركات «الوطنية» متسخة و«معفونة»، مقابضها يكسوها الصدأ، ورائحتها عطنة تجعلك تبدأ نهارك برغبة في الغثيان.
وفي أغلب هذه الحافلات التي تملكها شركات «وطنية»، يعيش عمالها ومستخدموها تحت رحمة أمزجة أصحابها. مما ينعكس على جودة الخدمات التي يقدمونها للزبائن. ولذلك تصعد حافلة في الصباح لكي تتوجه نحو عملك فتكتشف أنك دخلت في مناقشات جانبية مع السائق الذي يقسم بكل الأولياء الصالحين بأنه لن يتوقف في المحطة المقبلة لأنها «رشقات ليه»، أو «الروسوفور» المقطوع من حصته الصباحية من النيكوتين والذي يوشك أن يضربك لأنك لا تحمل معك الصرف، أو «الكونطرولور» الذي يوقف الحافلة لكي يتشاجر مع أحد «السالتين» ويتبادل معه الكلام النابي بدون احترام للراكبين.
وهؤلاء جميعهم يفرغون غضبهم على رؤوس الزبائن بسبب الأوضاع المهنية القاسية التي يعيشونها في شركاتهم مع مشغليهم. فأكثرهم يجر وراءه سنوات من العمل بدون ضمان اجتماعي أو تقاعد أو حق في العطلة. فيتحولون مع مرور الوقت إلى قنابل موقوتة تنفجر في وجوه الزبائن عند أول احتكاك.
أما أصحاب هذه الشركات الذين يحركون عمالهم ومستخدميهم للاحتجاج اليوم على تفويت صفقة النقل الحضري بالرباط لشركة «فيوليا»، فهؤلاء يجلسون في مكاتب شركاتهم المكيفة، يحصون أرباحهم اليومية التي يجنونها بحافلاتهم المتهالكة بعيدا عن المحاسبة.
لو كانت لدينا شركات نقل حضري تحترم زبائنها وتوفر لهم حافلات لائقة بهم، تحترم مواقيتها وتقدم عروضا تحفيزية للاشتراك في خدماتها، لكان هؤلاء الزبائن أول من سيخرج للاحتجاج على تفويت قطاع النقل الحضري لشركة أجنبية. وبما أن الزبائن هم أول ضحايا هذه الشركات وخدماتها «المزفتة»، فإن دخول شركة أجنبية لمجال النقل الحضري سيكون بالنسبة إليهم فرصة للحصول على خدمات أفضل.
أما حكاية الوطنية وأسبقية الشركات الوطنية، فخرافة لم تعد تنطلي على المواطنين. فليس باسم الوطنية سيستمر هؤلاء الزبائن في استهلاك منتوج «وطني» رديء، الرابح الأكبر من ورائه هم «مالين الشكارة» الذين يختفون في مكاتبهم حيث لا تصلهم شكايات الزبائن.
إن الدرس الوحيد الذي يجب أن نستخلصه كمواطنين وكمسؤولين من وراء تفويت الدولة ومجالس المدن لصفقات تدبير شؤون المواطنين لشركات أجنبية، هو أننا شعب يعاني من الفشل والغش ولا يستطيع تدبير شؤونه بمفرده. لقد جربنا لسنوات تدبير شؤون مائنا وكهربائنا وقنوات أوديتنا الحارة، وفي الأخير فشلنا فشلا ذريعا وفوتنا هذه القطاعات للشركات الفرنسية والإسبانية. حتى أننا فشلنا في جمع أزبالنا والتخلص منها، فجئنا بمن يجمعها لنا ثم يحولها إلى طاقة بديلة ويعيد بيعها لنا بدقة للنيف.
أنا مع شركات وطنية لتدبير شؤون المغاربة اليومية. لكن ليس بشركات تستعمل وسائل بدائية وتمنح خدمات «مزعلكة» تتسبب في رفع نسبة السكر في دماء الزبائن. متى كان المغاربة يقفون في الصف ويأخذون أرقاما من الآلة لكي ينتظروا دورهم من أجل تسديد فواتيرهم. ألم يكتشف المغاربة ذلك مع شركات التدبير المفوض الأجنبية. يمكن أن ننتقد فواتير هذه الشركات الأجنبية المرتفعة، ولجوء بعضها إلى تهريب جزء من أرباحها بعيدا عن أعين مفتشي الضرائب، كما صنعت شركة «ليديك» الفرنسية. لكن في غياب شركات وطنية بالفعل، لديها غيرة على الوطن، وفي غياب مجالس منتخبة مسؤولة تتابع عن كثب الصفقات التي تمنحها للشركات المستفيدة من أموال دافعي الضرائب، ليس هناك من حل سوى اللجوء إلى هؤلاء الأجانب. على الأقل لكي يعلمونا الوقوف في الصف واحترام دورنا. فيبدو أننا بعد ثلاث وخمسين سنة من الاستقلال لازلنا بحاجة إلى الحماية حتى لا نأكل بعضنا البعض.
المثير في حرب الشركات المسماة «وطنية» ضد الوافد الأجنبي الجديد في الرباط، هو أن البعض اكتشف بأن شركة «فيوليا» الفرنسية فقدت صفقة بقيمة 1.9 مليار أورو بأستوكهولم بسبب فوزها بصفقة تدبير ميترو بإسرائيل يربط بين القدس الغربية الواقعة تحت الاحتلال والمستوطنات التي تنبت قرب منطقة القدس الشرقية تمهيدا لضمها لإسرائيل. وبسبب ذلك قام عدد كبير من الأحزاب والجمعيات الفرنسية برفع قضايا ضد الشركة الفرنسية لوقف مشروعها بالقدس.
وإذا كنا متفقين مع فكرة مقاطعة الشركات الأجنبية التي تساعد إسرائيل على تطبيق مخططاتها الاستيطانية لتهويد القدس والسطو على أراضي الفلسطينيين بالقوة، فإن هذا لا يعني أن نسكت على محاولة استغلال القضية الفلسطينية بحشرها في صراع مالي صرف لا أثر فيه للوطنية أو العروبة بين شركات متصارعة حول كعكة النقل الحضري بالرباط.
الجميع يعرف أن شركة «فيوليا» فازت بصفقة ترامواي القدس سنة 2006، وهي خلال هذا التاريخ كانت متواجدة بالمغرب، فأين كان يا ترى هؤلاء «المناضلون» من أجل القضية الفلسطينية لكي ينتفضوا ضد «فيوليا» قبل أن تكبر وتصبح لديها أذرع كثيرة في المغرب كشركة «ريضال» و«أمانديس» و«فيوليا للنظافة». اليوم فقط اكتشفوا أن هذه الشركة تقوم بأشغال الربط الطرقي بين القدس والمستوطنات.
عندما ينشب صراع مصالح بين شركات متنافسة يستحسن أن يترك الجميع القضايا المقدسة للأمة جانبا. حتى لا تتلطخ دماء الشهداء الطاهرة بالحسابات الرخيصة للبعض. وأعتقد أن النقاش الذي يجب أن تفتحه المعارضة في البرلمان، ليس صفقة منح النقل الحضري لشركة «فيوليا» مادام 65 بالمائة من رأسمال هذه الشركة سيبقى مغربيا، ولكن كون كريم غلاب وزير التجهيز منح صفقة تدبير سكك الترامواي الذي سيربط بين سلا والرباط لشركة «ألستوم» الفرنسية، بالإضافة إلى منحها صفقة قطارات «التي جي في» السريعة، وصفقة قاطرات «بريما». على الرغم من كون أصابع الاتهام موجهة لهذه الشركة في كل من آسيا وأمريكا اللاتينية بعدما فتحت لها قضية في المحاكم الفرنسية بعد نشر جريدة «الوالت ستريت جورنال» تحقيقا تكشف فيه أن شركة «ألستوم» قدمت عدة ملايين من الدولارات كرشوة للحصول على صفقات لقطاراتها السريعة في آسيا وأمريكا اللاتينية ما بين 1995 و2003.
هذه مثلا قضية تستحق أن تناقش، لأنها تمس ميزانية التجهيز التي تخرج مباشرة من جيوب دافعي الضرائب. أما القضايا التي تمس مصالح الشركات الخاصة، فيستحسن أن تحل بعيدا عن فلسطين وعن شعارات الوطنية الرنانة.
فمن يحب الوطن لا يغشه.
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى