salahsoft
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

يا الطامع فالنقصان حضي راسك من الزيادة

اذهب الى الأسفل

يا الطامع فالنقصان حضي راسك من الزيادة Empty يا الطامع فالنقصان حضي راسك من الزيادة

مُساهمة  Admin الأربعاء يناير 07, 2009 1:13 am

إذا صدقنا أرقام المندوب السامي للتخطيط الذي «يهز الخط» للحكومة مرة في الشهر، فإن الفصل الأخير من سنة 2008 عرف نموا اقتصاديا في المغرب فاق خمسة بالمائة. وإذا صدقنا تكهنات وزير المالية فإن المغرب سيحقق نموا اقتصاديا سنة 2009 يعادل 5.8 (ولو أن البنك الدولي يقول 4)، وإذا صدقنا البورصات العالمية فإن أسعار البترول والمواد الأولية في الأسواق العالمية كلها عرفت تراجعا كبيرا في الأسعار بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية.
إذا صدقنا هذه الرؤية الوردية للوضعية الاقتصادية بالمغرب، فكيف تريدنا الحكومة أن نصدق الزيادات الأخيرة في الأسعار. بل كيف تريدنا الحكومة أن نثق بها مستقبلا بعد كل الأكاذيب التي أدمنتها. فقد وعدت بأنها ستخفض الأسعار إذا انخفضت في الأسواق العالمية ولم تف بوعدها. ووعدت أنها لن تزيد في الأسعار وأخلت بوعدها.
لقد أثبتت الحكومة من خلال افتتاح السنة الجديدة بزيادات في الأسعار أنها حكومة غير شعبية، وأنها لم تفهم جيدا خطاب الملك الأخير الذي تحدث فيه عن دعم الطبقة الوسطى.
كما أن اختيار بداية السنة لإطلاق صواريخ هذه الزيادات، تزامنا مع ما تعرفه كل مدن المغرب من غليان اجتماعي بسبب المحرقة الفلسطينية في غزة، يثبت لنا أن هذه الحكومة العباسية يجب أن يتم الحجر عليها، لأنها لا تزن جيدا قراراتها ولا توقيت إطلاق هذه القرارات.
إن ما لا يفهمه المغاربة اليوم، هو كيف تستمر أسعار المواد الأولية في النزول في الأسواق العالمية، بينما تستمر أسعارها في التصاعد عندنا في المغرب. وفي الوقت الذي كان فيه المواطنون ينتظرون خفض الأسعار انسجاما مع ما يحدث في كل بلدان العالم، رأينا كيف فاجأت الحكومة الجميع وعمدت إلى رفع أسعار المواد الأكثر استهلاكا. انسجاما مع المثل المغربي الذي يقول «يا الطامع فالنقصان حضي راسك من الزيادة».
ولعل الغريب في كل هذا الرخاء الاقتصادي الذي يعدنا به المندوب السامي للتخطيط ووزير الاقتصاد والمالية، أننا لا نجد له انعكاسا مباشرا على المعيش اليومي للطبقة الوسطى. بل ما نراه هو أن الطبقة الوسطى هي التي تتعرض للعقوبات الاقتصادية من طرف الحكومة بسبب ارتفاع الأسعار، بينما طبقة ضيقة وصغيرة جدا من المضاربين وأصحاب المصالح الاقتصادية والمتحكمين في الشركات الكبرى المنتجة والمستوردة للمواد الاستهلاكية هي التي تستفيد من نزول الأسعار في الأسواق العالمية وصعودها في الأسواق المغربية.
إن هؤلاء المضاربين وأصحاب المصالح الاقتصادية الكبرى يشبهون إلى حد كبير تجار الحروب الذين يستفيدون من مآسي المواطنين لكي يجمعوا الثروات على ظهورهم. والحكومة التي يقودها وزير سياسي منحدر من حزب يقول عن نفسه أنه حزب يدافع عن الشعب، كان عليها أن تختار الاصطفاف إلى جانب المواطن الفقير والكادح، لا إلى جانب «المحنكين» من أصحاب المصالح الاقتصادية الرأسمالية التي لا هم لها سوى الربح.
عندما نتأمل القوانين التي حاول بعض وزراء حزب الاستقلال «حشوها» ضمن قانون المالية وصوت عليها البرلمان قبل أن يوقفها المجلس الدستوري بعد طعن المعارضة في شرعيتها، نجد بند الكاميرات التي اشتراها غلاب بالملايير لكي تسجل «البروصيات» لمستعملي الطرقات وتبعث بها إلى غاية بيوتهم. غلاب يقول إن هذه الكاميرات ستقلل من حوادث السير. وهذا طبعا مجرد تبرير، لأن الهدف الرئيسي هو جمع أكبر قدر ممكن من «البروصيات». ولو أن «البروصي» الحقيقي هو هذه الحكومة التي منذ أن جاءت والغلاء يرافق خطواتها. وهذا ما يفسر مسارعة وزير المالية إلى تضمين هذه المبالغ ضمن موارد قانون مالية 2009. فالسي مزوار «شرا الحوت فالبحر» وعول على عائدات «بروصيات» كاميرات غلاب حتى قبل أن يوافق المجلس الدستوري على هذا البند. وفي تلاوة الراحل «بوكماخ» هناك نص جميل عنوانه «أعماه الطمع» ينطبق كثيرا على ما قام به مزوار مع «بروصيات» غلاب.
ولو كان غلاب يريد الحد فعلا من حوادث السير، التي بالمناسبة زادت بنسبة 10.62 بالمائة في الأشهر العشرة الأخيرة مقارنة بالسنة الماضية، لكان استغل تلك الملايير التي صرفها على الكاميرات في تمتين البنية التحتية للطرق القاتلة بالمغرب. وإذا لم يستطع تمتين هذه البنية التحتية للطرق فعلى الأقل يخصص بعض المال لسد حفرها وصبغها واقتناء علامات المرور حتى يتبين الراجلون والسائقون أين يسيرون.
وصباح يوم أمس فقط قتلت قطارات الخليع ثلاثة مواطنين، واحد صدمه القطار القادم من مراكش، تسبب في تأخير الرحلة نصف ساعة، والثاني صدمه القطار القادم من القنيطرة وتسبب في تأخير الرحلة نصف ساعة، وثالث صدمه القطار القادم من الرباط وتسبب في تأخير الرحلة لساعة كاملة.
ولكي تعرفوا أن قطاع السكك الحديدية الذي يتبع لغلاب بدأ السنة الجديدة على أحسن «وجه» فالرحلة التي انطلقت مساء الجمعة من الدار البيضاء الميناء نحو الرباط استغرقت ثلاث ساعات بالتمام والكمال، لم تكلف إدارة السكك الحديدية نفسها تقديم كلمة اعتذار واحدة عنها للمسافرين.
إن العنوان الأبرز للحكومة العباسية هو الفشل. فقد فشلت في الرقي بالخدمات التي توفرها للمواطنين في كل القطاعات الحكومية. المستشفيات العمومية أصبحت شبيهة بالمسالخ البلدية، والمحاكم أصبحت شبيهة بأسواق المزادات العلنية على الأحكام، والإدارات العمومية إذا دخلت إليها يجب أن تكون جيوبك «عامرة» بالنقود وقلبك عامرا بالصبر، أما التعليم فقد أوصلوه إلى الإفلاس، وليس هناك في الأفق ما يبشر بإمكانية انتشاله من القعر الذي نزل إليه. وحتى الطرق السيارة التي لا تقدم لمستعمليها خدمات أخرى غير الطريق اكتشف مديرها الفاسي الفهري أن الدرهم الأبيض ينفع في اليوم الأسود، فزاد درهما في الرحلة. وهو يستعد لبناء محطة أداء جديدة في مدخل الرباط، حتى «يحلب» جيوب مستعملي الكيلومترات الخمسة التي تفصل الرباط عن شاطئ «فال دور».
عندما نرى كيف يتشبث عباس الفاسي بمنصب الوزير الأول، مع أنه منصب كبير عليه بشهادة الجميع، ونرى كيف يقبل حزبه التمديد له لولاية ثالثة على رأس أمانته العامة، رغم أن الحزب في عهده نزلت شعبيته إلى الحضيض، نستغرب تمسك الرجل بكل هذه المسؤوليات الجسيمة رغم فشله السياسي الواضح في تحملها. وقد كان على عباس الفاسي أن يتأمل جيدا مثال الوزير الأول البلجيكي «هيرمان فان رومبو» الذي قبل بمنصب الوزير الأول بالكشيفة. فقد رفض الرجل العرض ولم يقتنع إلا بعد مناشدة الجميع له بقبول تحمل المسؤولية وإخراج البلاد من الأزمة السياسية.
في الدول الديمقراطية يهربون من المسؤولية، لأنهم يعرفون قيمتها جيدا ويعرفون أن الشعب سيحاسبهم عليها، والقضاء سيتابعهم إذا ما أساؤوا استعمال أموال دافعي الضرائب. أما عندنا فيتهافتون على مناصب المسؤولية لأنهم يستسهلونها، ويعرفون أن القضاء منشغل عنهم بمتابعة فاضحي الفساد، وأنه ليس هناك شيء أكثر سهولة في المغرب من سرقة أموال دافعي الضرائب. وحتى إذا ما صدر تقرير رسمي يفضح هؤلاء المسؤولين، كتقرير المجلس الأعلى للقضاة، فإن مصيره سيكون هو رفوف المجلس الموقر.
لذلك كله نقول اليوم أن هذه الحكومة ليست حكومة شعبية تراعي مصالح الطبقة الوسطى والطبقات الشعبية الأكثر فقرا، وإنما حكومة نخبوية تراعي مصالح الأقلية المتحكمة في دواليب الاستهلاك اليومي للمغاربة. والزيادات المتتالية في أسعار المواد الاستهلاكية التي يوازيها انخفاض في أسعار هذه المواد في السوق العالمية، خير دليل على هذا الوجه اللاشعبي لحكومة عباس.
الخطير في هذه الزيادات، التي ربما «ماشي فراس» عباس، هي أنها تأتي في ظرف اجتماعي وإنساني وعاطفي غير مناسب إطلاقا.
على عباس وصهره نزار بركة أن يخرجا من صمتهما لكي يطمئنا المغاربة بأن هذه الزيادات لم تكن سوى قرار أحمق سيتم تداركه. فالزيادة هذه المرة «من راس الحمق» فعلا.

Admin
Admin

المساهمات : 574
تاريخ التسجيل : 29/02/2008

https://salahsoft.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى