salahsoft
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

***ضريب الطر***

اذهب الى الأسفل

***ضريب الطر*** Empty ***ضريب الطر***

مُساهمة  Admin الإثنين يناير 05, 2009 12:40 pm

لعل واحدة من أكبر المهازل السياسية في المغرب هي أن نسمع رئيس مجلس النواب، مصطفى المنصوري، يهدد نواب المجلس المتغيبين بنشر أسمائهم على أعمدة الصحف إذا لم يلعنوا الشيطان ويقرروا الالتحاق بمقاعدهم. كما لو أن الأمر يتعلق بتلاميذ كسالى ومشاغبين يدمنون الغياب بدون مبرر، يهددهم المعلم بالطرد من القسم إلى حين حضور ولي أمرهم، وليس بنواب أمة محترمين أرسلهم الشعب لكي ينوبوا عنه في الدفاع عن حقوقه ومصالحه.
ورغم أن ما ينوي رئيس البرلمان القيام به «خايب حتى للتعاويد»، فإنه يبقى أجدى طريقة لحث هؤلاء النواب الذين يتوصلون كل شهر برواتبهم السمينة دون أن يكلفوا أنفسهم عناء الحضور لمناقشة الميزانيات والتصويت عليها.
ونحن مستعدون إذا ما فكر رئيس البرلمان في تطبيق وعيده لتخصيص زاوية أسبوعية لنشر أسماء هؤلاء المتغيبين والهيئات السياسية التي باسمها تم انتخابهم في البرلمان. وسنسمي هذه الزاوية «ركن المتغيبين»، وهو الركن الذي تبثه الإذاعة الوطنية للبحث عن المتغيبين الذين خرجوا من بيوتهم ولم يعودوا إليها. وهكذا يمكن أن يطالع المواطنون أسماء المتغيبين عن جلسات البرلمان كل أسبوع بانتظام، حتى إذا جاءهم أحد أولئك المتغيبين في الانتخابات المقبلة يطلب منهم أن يصوتوا لأجله يكون بمستطاعهم أن يصفعوا وجهه بلائحة الغياب الخاصة به. ولو أن أغلب أسماء «ركن المتغيبين» ستكون من فريق حزب الأحرار الذي يقوده رئيس البرلمان مصطفى المنصوري. فهذا الفريق الأكبر من حيث العدد في البرلمان والذي يصل إلى ثمانين نائبا، غالبا ما لا يحضر منه سوى نواب معدودين على رؤوس الأصابع. وهكذا فإذا كان المنصوري يريد أن «يضرب الطر» للنواب الغائبين فالأحرى به أن يضربه لنواب حزبه. وكما يقول المثل، «خلات تشطب باب دارها ومشات تشطب باب الجامع».
يمكن أن يجد البعض فكرة نشر أسماء البرلمانيين المتغيبين على أعمدة الصحافة فكرة طريفة، لكن خلف طرافة الفكرة تختفي أهداف غاية في الجدية. فغياب البرلمانيين عن مناقشة قضايا الشعب والدفاع عنها أمام الحكومة، يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء الانتفاضات الشعبية التي عرفتها بعض مدن المملكة مؤخرا. فهؤلاء البرلمانيون المسجلون في ركن المتغيبين يتحملون مسؤولية تهديد السلم الاجتماعي في المغرب. لأن الاحتجاجات والتظاهرات الشعبية التي أصبحت تطفو على السطح مؤخرا، سببها استقالة البرلمان من مسؤولية إيصال مظالم ومطالب الشعب إلى الحكومة. هكذا أصبح الشعب يحمل على عاتقه مسؤولية إيصال صوته إلى الدولة والحكومة في الشارع العام.
إن سياسة «ضريب الطر» هي ما نحتاج إليه في وسائل الإعلام المغربية لكي نساهم في تخليق الحياة السياسية العامة. وفي أمريكا مثلا هناك صحف وقنوات تلفزيونية متخصصة في نشر صور وأسماء مغتصبي الأطفال، كشكل من أشكال فضح هؤلاء المنحرفين. وفي إسبانيا هناك شركة متخصصة في مطاردة الأشخاص الذين يتهربون من دفع ديونهم وضرائبهم اسمها «موروسو». وإذا كانت هناك من شركة ترفع فعلا شعار «ضريب الطر» فهي هذه بالضبط. فمنذ أكثر من أربعين سنة على وجودها وهي تحقق نتائج باهرة، أي أن كل من خرج فيه «البلان» من طرف هذه الشركة ينتهي مجبرا على تسديد ديونه خوفا من الفضيحة.
وطريقة اشتغال هذه الشركة سهلة وبسيطة للغاية، فهي بمجرد ما تتوصل بطلب استخلاص دين أو ضريبة لفائدة إحدى الشركات أو المؤسسات، حتى ترسل أحد موظفيها بلباسه الأسود المتميز وطربوشه الطويل وحقيبته السوداء لكي يرافق الشخص «المديون» مثل ظله. وتبقى مهمته الأساسية هي أن يراه الجميع سائرا خلف «المديون» في أي مكان يذهب إليه. حتى في مقر عمله يزوره هذا الموظف لكي يعرف زملاؤه أنه مدين للضرائب. وقلما يحدث أن يتحمل «مديون» هذا العقاب اليومي والمستمر في الشارع وأمام الجيران وفي المراكز التجارية وفي مقر العمل، فيدفع ضرائبه وديونه لكي يرتاح من هذا الشبح المخزي الذي يشوه سمعته أمام العالم.
لو كان لهذه الشركة فرع في المغرب للجأت إلى خدماتها البنوك السبعة التي تطالب التازي رئيس الفريق الاستقلالي في مجلس المستشارين بدفع ديونه منذ سنوات، قبل أن تقرر المحكمة الحجز على راتبه في البرلمان.
قبل أسبوعين نشرت الجرائد خبر وجود حوالي ألف شخص في مراكش يستفيدون من كهرباء الوكالة مجانا، من بينهم برلمانيون وشخصيات معروفة بالمدينة. وحسب مسؤولي الوكالة فهذه السرقات الكهربائية كلفتهم حوالي مليار سنتيم من الخسائر، ومقترفوها في غالبيتهم من أثرياء المدينة.
وعوض أن تكتفي وكالة «لاراديما» بالحديث عن قيمة خسائرها المادية فقد كان أولى بها أن تنشر لائحة هؤلاء الزبناء الذين ضبطتهم يسرقون الكهرباء و«يثقلون» العدادات بـ«اللدون» ويجرون السلك من «البوطو» إلى فيلاتهم ومطاعمهم ومركباتهم السياحية.
إن نشر أسماء هؤلاء الزبائن المحتالين، ومنهم مسؤولون عموميون وممثلون حزبيون وموظفون كبار، سيجعل المواطنين أولا يتعرفون على من يمثلهم ويسير شؤونهم. وثانيا سيجعلهم على بينة من أمرهم عندما يحين وقت اختيار من يمثلهم في الانتخابات. وثالثا سيكون نشر أسماء هؤلاء الذين يسرقون الكهرباء عبرة لكل الذين سيفكرون في القيام بالشيء نفسه، لأنهم سيضربون حسابا لسمعتهم، إذا ما كانت لديهم سمعة، في حالة ضبطهم من طرف فرقة مكافحة الغش بوكالة توزيع الكهرباء.
إن المجهود الذي قام به قضاة المجلس الأعلى للحسابات سيبقى ناقصا إذا ما لم يتم نشر وإعادة نشر أسماء المؤسسات التي ضبط قضاة المجلس اختلالات مالية في حساباتها. يجب أن يطلع الجميع على حجم المبالغ المالية التي تم تبذيرها في هذه المؤسسات، وأيضا على أسماء المسؤولين عن هذا التبذير.
هكذا سيفهم الذين سيتسلمون المسؤولية مستقبلا في هذه المؤسسات العمومية أنهم مراقبون من طرف قضاة المجلس الأعلى للحسابات، وأيضا من طرف الإعلام الذي سيضرب لهم الطر إذا ما تورطوا في تبذير المال العام.
في فرنسا وإسبانيا وغيرهما من الدول الديمقراطية تضرب الصحافة الطر لرؤساء حكوماتهم ووزرائهم لمجرد أن أحدهم غامر باستعمال بطاقته البنكية الحكومية لأغراض شخصية. وعندنا في المغرب أهدر بوطالب وزير الطاقة السابق حوالي أربعين مليون سنتيم على أسفاره وتنقلاته، بالرغم من تحمل الوزارة لهذه النفقات، ومع ذلك لازال ينشر المقالات في الصحف حيث يعطي وصفات نظرية لإخراج حزبه من النفق المسدود.
الغريب في الأمر أن البعض عوض أن يشجعنا على المضي في عملنا كان يؤاخذنا في كل مرة نبادر إلى كشف أسماء بعض المسؤولين الذين يستفيدون من خدمات ليست من حقهم، أو يتورطون في تبذير المال العمومي. وغالبا ما كنا نسمع كلمات من قبيل «آش بغيتو عندو مسكين، درتو ليه الشوهة».
وكأن أصحاب تلك القلوب الهشة يعتقدون أن الصحافة مهمتها هي أن تضرب «الشيتا» لهؤلاء المسؤولين الذين يتورطون في تبذير المال العام، عوض ضرب «الطر» لهم.
إن وظيفة الإعلام في الدول الديمقراطية هي أن يمارس سلطته في مراقبة طرق صرف المال العام. وهذه السلطة تجعله مطالبا بلعب دور كلب الحراسة الشرس الذي يجب أن ينبح كلما رأى لصا يقترب من أموال دافعي الضرائب حتى يستيقظ أصحاب البيت.
هذا طبعا إذا كان اللص قادما من خارج البيت، أما إذا كان هو من ينام في الداخل، فنباح كلاب الحراسة يصدق فيه القول المأثور «لمن تعاود زابورك أداود».

Admin
Admin

المساهمات : 574
تاريخ التسجيل : 29/02/2008

https://salahsoft.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى