salahsoft
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

**اعرف عدوك**

اذهب الى الأسفل

**اعرف عدوك** Empty **اعرف عدوك**

مُساهمة  Admin الثلاثاء مارس 24, 2009 4:23 pm


ما كنا نتوقعه حدث بالفعل. فقد خرج قرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران من أيدي الدبلوماسيين ليسقط على بين أيدي الأمنيين. وها نحن نسمع عن عشرات التحقيقات والاستنطاقات مع مواطنين بسبب الاشتباه في اعتناقهم للمذهب الشيعي، ونسمع عن مداهمات لمكتبات بحثا عن كتب تروج للفكر الشيعي من أجل مصادرتها، بل ذهب الأمر بالأمنيين إلى إصدار تعليمات لأساتذة شعبة اللغة الفارسية بتوقيف تلقين هذه اللغة لما تبقى من هذا الموسم الدراسي.
إن ما تقوم به المصالح الأمنية يسمى «محاكم التفتيش»، وليس حماية الأمن الروحي للمغاربة. المغاربة ليس لديهم مشكل مع الفارسية كلغة، أو مع الكتب التي تتحدث عن الفكر الشيعي أو الماوي أو البودي، بل مع الجهل تحديدا. والكتب واللغات مهما اختلفنا معها لا يمكن أن تكون عدوا لنا. بالعكس، الكتب واللغات هي أدوات معرفية تساعدنا على فهم عدونا بشكل أكبر.
لذلك فالقرار الذي اتخذته مصالح الداخلية والقاضي بجمع الكتب الشيعية من المكتبات وإغلاق شعبة اللغة الفارسية بالجامعة، وإغلاق المدرسة العراقية بالرباط بتهمة نشر الفكر الشيعي، كلها قرارات أمنية خاطئة في التصدي لظاهرة تحتاج إلى مقاربة فكرية وثقافية ودينية أشمل.
لنتفق أولا حول مسألة مهمة، وهي أن كل مواطن أجنبي يقيم في المغرب له الحق في اعتناق المذهب الديني الذي يشاء. ونحن نستغرب كيف يتم استنطاق عرب أجانب مقيمين في المغرب حول انتمائهم إلى المذهب الشيعي، في الوقت الذي لم يسأل فيه أحد الآلاف أجانب الأوربيين لماذا يعتنقون المذهب البروتيستانتي وليس الكاثوليكي مثلا.
وبالنسبة للمدرسة العراقية في الرباط، فقد كان أولى بوزارة التعليم أن توقف المدرسين الذين يثبت فعلا أنهم متورطون في نشر الفكر الشيعي بين أوساط التلاميذ، خصوصا وأن بينهم تلاميذ مغاربة. كما أن أبسط شيء قبل اللجوء إلى إغلاق المدرسة كان هو مطالبة المديرة بتعديل مناهج التعليم لديها إذا كانت هذه المناهج لا تتماشى مع المذهب الديني للمملكة.
لقد نشرنا قبل شهر كيف أن المدرسة الإسبانية في تطوان تدرس لتلاميذها، وأغلبهم مغاربة، كتابا يحتوي على صورة تجسد النبي صلى الله عليه وسلم، مع أن ديننا يحرم تجسيد الأنبياء في الصور. كما أشرنا إلى أن الخريطة التي توجد في نفس المقرر تجتزئ الصحراء من تراب المغرب. ومع ذلك لم نسمع عن احتجاج وزارة التربية الوطنية على هذه المدرسة الإسبانية.
لنقل الحقيقة للمغاربة بدون لف أو دوران. ماذا ستخسر وزارة الخارجية إذا قالت للرأي العام أن قرار إغلاق المدرسة العراقية في الرباط ليس سوى مقدمة لقرار قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق. خصوصا بعد أن أصبح العراق قاعدة خلفية لإيران ومراجعها الشيعية الذين يمسكون بزمام قيادة الثورة الإيرانية. وخصوصا أيضا بعد الولاء الواضح لحاكم العراق للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق الذي يوجد على رأسه عبد العزيز الحكيم، والذي يدين بالولاء بدوره للقائد الإيراني الأعلى للثورة الإسلامية.
ولو طلبوا رأيي لقلت لهم أنني مع قطع العلاقات الدبلوماسية مع العراق، ليس لأنه أصبح قاعدة خلفية للتشيع الإيراني، بل لأن حكامه أتوا إلى سدة الحكم في بغداد على ظهر دبابة أمريكية. فمثل هذه الحكومات التي نصبها بوش وتابعه «بريمر» وأطلقا يدها في الشعب العراقي الأبي يغتصبون نساءه ويدقون المسامير في ركب ورؤوس أبنائه، ويصورون رجاله عراة في السجون، ويشنقون رئيسه أمام أنظار العالم صبيحة عيد الأضحى، تستحق فعلا أن يقطع المغرب علاقاته الدبلوماسية معها إلى حين مغادرة آخر جندي أمريكي محتل لأرض العراق وتنصيب حكومة ديمقراطية منتخبة من الشعب العراقي.
فالمغرب حر وسيد في قراراته الدبلوماسية، فقط يجب أن تكون لوزارة الخارجية، وبعض المستشارين المتحمسين لقطع العلاقات مع العراق، الجرأة الكافية لشرح دواعي مثل هذه القرارات السيادية للرأي العام.
كما على وزارة الداخلية أن تشرح للرأي العام أن بلاغها المهدد الذي تتوعد فيه «الأشباح» بالمتابعة والصرامة، كان عليها أن تقول للمغاربة أن الدافع الرئيسي الذي جعلها تشفى من «اللقوة» التي أصابتها أمام كل هذه المجلات والجرائد التي أصبحت تروج للشذوذ علانية، هو الحملة الإعلامية القوية التي شنتها صحف إيرانية شيعية على المغرب، متهمة إياه بالتساهل مع حركات الشذوذ الجنسي مقابل التشدد مع حركات التشيع الديني.
والواقع أن إيران هي آخر دولة يمكنها أن تعطي للمغرب دروسا في الأخلاق والآداب العامة. فآخر الإحصائيات التي تتحدث عن الدعارة في إيران تصيب بالرعب، كما أن نسبة الإدمان على المخدرات حطمت كل الأرقام القياسية بسبب وفرة مخدر الأفيون. أما الشواذ والمتحولون جنسيا في إيران فقد تضاعفوا في السنوات الأخيرة، خصوصا بعد إصدار المراجع الشيعية فتوى تجيز إجراء عمليات التحول الجنسي على نفقة الدولة.
الحرص على احترام الآداب العامة والأخلاق لا يجب أن يكون مجرد رد فعل ضد حملة إعلامية في الطرف الآخر من الجانب الفارسي. وإنما يجب أن يكون توجها عاما للحكومة والأحزاب والدولة. فلا معنى لحديث كل هؤلاء الأطراف عن تخليق الحياة السياسية في الوقت الذي يسلمون فيه جميعهم المجتمع لديدان الفساد والتفسخ التي تنخره من الداخل.
ما أزعجني في بلاغ وزارة الداخلية هو أنه لم يمتلك الجرأة لكي يسمي الأشياء بمسمياتها. فقد اتهم جهات إعلامية بالمس بالقيم الدينية والأخلاقية دون تسميتها. مع أن الداخلية لم «ترمش» عندما أرادت في السابق أن تهاجم عبر بلاغاتها أحزابا وجمعيات معينة لا تتفق توجهاتها مع التوجه الرسمي العام.
على الداخلية أن تسمي القط قطا والفأر فأرا، كما يقول الفرنسيون. لأن لغة الإشارات «الباطنية» لم تكن يوما أسلوب عمل المؤسسات التي تحترم نفسها وتحترم الرأي العام الذي تخاطبه ببلاغاتها.
لذلك فمن العاجل والضروري أن تتوقف محاكم التفتيش الجديدة هذه التي فتحتها الداخلية في أكثر من مدينة لتعقب الكتب الشيعية، فليست هناك دولة واحدة في العالم استطاعت رغم قوتها وعتادها الأمني والاستخباراتي أن توقف انتشار كتاب. فالأنترنيت اليوم مكتبة مفتوحة على مدار اليوم والليلة، لذلك فمن العبث مطاردة خيوط الدخان. ثم إنه من حق كل المغاربة أن يطالعوا أي كتاب يريدون، وكيفما كان نوع الفكر الذي يتحدث عنه. فليس من حق الداخلية أن تفرض الوصاية على عقول المغاربة ومطالعاتهم الفكرية.
إن أفضل طريقة لتحصين المغاربة ضد الاختراق الشيعي الإيراني والوهابي السعودي والطالباني الأفغاني والسلفي الجهادي القاعدي وغيرها من التيارات الدخيلة هو تعليم أبنائنا وتربيتهم على المذهب السني المتسامح الذي ارتضاه المغاربة لقرون طويلة منهجا لهم. كما أن أفضل طريقة لحماية أبنائنا من رؤوس الفتنة الذين يريدون المس بأخلاقنا وقيمنا الدينية هو تحصينهم ضد الاختراق التغريبي الذي يسعى إلى تمييع أخلاقهم بأفكاره الشاذة والمتطرفة.
فلا جمع الكتب وإحراقها في الساحات العامة كما كان يصنع الجهلة في القرون الوسطى، ولا إغلاق شعبة اللغة الفارسية في كلية الرباط كما صنع جهلة العصر الحالي، ولا إغلاق المدرسة العراقية في الرباط التي تخرج منها طيلة سنوات المئات من أبناء المغاربة إلى جانب إخوانهم العراقيين، كفيلة بتحصين المغاربة من التشيع والتشدد والأفكار الشاذة والتخريبية التي تنخر ثوابت الدولة من أسسها.
الحل الوحيد هو تشجيع المعرفة والعلم. فالمعرفة هي سلاح المستقبل، والعلم هو مفتاحه. إغلاق المدارس ومنع تعليم اللغات ومصادرة الكتب دليل واضح على أننا نسير في طريق آخر غير طريق العلم والمعرفة.
«تعلموا لغة قوم تأمنوا شرهم». لو كانت وزارة الداخلية تفهم معاني هذه الوصية لكانت سارعت إلى فتح شعبة تعلم اللغة الفارسية في كل كليات الآداب في المغرب، عوض إغلاقها في كلية الآداب بالرباط.
عندما رأيت صور آباء وأولياء تلاميذ المدرسة العراقية يقفون مع أبنائهم أمام باب المدرسة المغلق، ورجال الأمن يحاصرونهم من كل جانب، تساءلت عن الجهة التي تريد إعطاء هذه الصورة المشوشة عن المغرب. مغرب يغلق مدرسة في وجه التلاميذ، مغرب يخاف من الكتب ويصادرها، مغرب يستنطق المواطنين حول أفكارهم الخاصة، مغرب يمنع تعلم لغة أجنبية.
هل هذا هو المغرب الذي تريد وزارة الداخلية تسويق صورته؟

Admin
Admin

المساهمات : 574
تاريخ التسجيل : 29/02/2008

https://salahsoft.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى