salahsoft
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

سر رفع السموات بغير عمد ترونها

اذهب الى الأسفل

سر رفع السموات بغير عمد ترونها Empty سر رفع السموات بغير عمد ترونها

مُساهمة  Admin الثلاثاء أبريل 22, 2008 1:44 pm

سر رفع السموات بغير عمد ترونها

قال الله عز وجل :﴿ وَكَأَيِّن مِّن آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ ﴾(يوسف: 105) . ومن أعظم هذه الآيات التي تدل على عظمة الله وجلاله وأن ما أنزله من الوحي هو الحق ، رفع السموات بعَمَد غير مرئية ؛ وذلك قوله تعالى :﴿ اللّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾(الرعد: 2) ، ﴿ وَلَكِّنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾(الرعد: 1) .

والعَمَد هي الدعائم ؛ وهو اسم جمع عند الأكثرين ، ويدل على الكثرة . والمفرد : عِماد . أو : عَمود . وقرأ أبو حيوة ، ويحيى بن وثاب :﴿ عُمُدٍ ﴾ ، بضمتين ، جمع : عِماد ؛ كشهاب وشهب . أو جمع : عَمود ؛ كرسول ورسل . ويجمعان في القلة على : أعمدة .. واختلف المفسرون في تأويل قوله تعالى :﴿ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ على قولين :

أحدهما : أنها مرفوعة بغير عمد مرئية . قاله قتادة ، ومجاهد ، وإياس بن معاوية ، وغيرهم . قالوا : وذلك دليل على وجود الصانع الحكيم ، تعالى شأنه . والثاني : أنها مرفوعة بعمد ؛ ولكنها لا تُرَى . قال ابن عباس رضي الله عنهما :« يقول : ترونها بغير عمد . ويقال : بعمد لا ترونها » .

وجمهور المفسرين على أن السموات لا عمد لها ألبتة . ولو كان لها عمد ، لاحتاجت تلك العمد إلى عمد ، ويتسلسل الأمر . قالوا : فالظاهر أنها ممسكة بالقدرة الإلهية ، بدليل قوله تعالى :﴿ وََيُمْسِكُ السَّمَاء أَن تَقَعَ عَلَى الْأَرْضِ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾(الحج: 65) ، ونحو هذا من الآيات .

وقد انبنى على هذا الخلاف بينهم خلاف آخر في موضع جملة ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ من الإعراب ، فذكروا فيها ثلاثة أقوال :

الأول : أنها استئنافية ، جيء بها للاستشهاد على كون السموات مرفوعة بغير عمد ؛ كأنه قيل : ما الدليل على ذلك ؟ فقيل : رؤيتكم لها بغير عمد . قالوا : فهو كقولك : أنا بلا سيف ، ولا رمح تراني . فالضمير في ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ للعمد .

والثاني : أنها حالية من السموات . أي : رفعها مرئيَّةً لكم بغير عمد . فالضمير في ﴿ تَرَوْنَهَا ﴾ للسموات .

والثالث : أنها صفة للعمد . أي : بغير عمد مرئية . فالضمير للعمد ، واستدل لذلك بقراءة أبي بن كعب :﴿ تَرَوْنَهُ ﴾ ، بعوْد الضمير مذكرًا على لفظ : عمد .

فعلى تقدير الاستئنافية والحالية تكون السموات مرفوعة بغير عمد . وأما على تقدير الوصفية فيحتمل توجُّه النفي إلى الصفة والموصوف ، فيكون حكم السموات كحكمها في التقدير الأول والثاني ؛ لأنها لو كان لها عمد ، لكانت مرئية . ويحتمل توجه النفي إلى الصفة دون الموصوف ، فيفيد أن للسموات عَمَدًا ؛ لكنها غير مرئية . وهذا القول هو الصواب ، وبيانه :

أولاً- أن نفي الذات الموصوفة بأداة من أدوات النفي قد يكون نفيًا للصفة دون الذات ، وقد يكون نفيًا للذات والصفة معًا ؛ فمن الأول قوله تعالى :﴿ وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لَّا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ ﴾(الأنبياء: Cool . أي : بل هم جسد يأكلونه . فالنفي هنا هو للصفة دون الذات .

ومن الثاني قوله تعالى :﴿ لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافاً ﴾(البقرة: 273) . أي : لا سؤال لهم أصلاً ، فلا يحصل منهم إلحاف ؛ وهو نفي للذات والصفة معًا . ويسمَّى هذا النوع عند أهل البديع :« نَفْيُ الشيء بإيجابه » . وعبارة ابن رشيق في تفسيره:« أن يكون الكلام ظاهره إيجاب الشيء ، وباطنه نفيه بأن ينفى ما هو من سببه ؛ كوصفه ، وهو المنفي في الباطن » . وقال غيره :« أن ينفى الشيءُ مقيدًا ، والمراد نفيه مطلقًا مبالغة في النفي ، وتأكيدًا له » .

ثانيًا- لفظ ﴿ غَيْر ﴾ موضوع- في الأصل- للمغايرة ، وهو مستلزم للنفي ، ومعناه عند الجمهور ؛ كمعنى ﴿ لَا ﴾ النافية ؛ إلا أن بينهما فرقًا من وجهين : أحدهما : أن ﴿ غَيْر ﴾ اسم . و﴿ لَا ﴾ أداة ( حرف ) . والثاني : أن ﴿ غَيْر ﴾ معناها : المغايرة بين الشيئين . و﴿ لَا ﴾ معناها : النفي المجرد .

ويتضح لك هذا الفرق بينهما أنك إذا قلت :« أخذت فلانًا بذنبٍ » ، فـ﴿ ذنب ﴾ هو الذي أخذته به . وإذا قلت :« أخذته بلا ذنب » ، فـ﴿ لا ذنب ﴾ هو الذي أخذته به ، وهو بمنزلة ﴿ ذنب ﴾ في الإثبات .

فإذا قلت :« أخذته بغير ذنب » ، فـ﴿ غَيْر ﴾ هو الذي أخذته به ، و﴿ ذَنْب ﴾ لم تأخذه به ؛ لأن لفظ ﴿ غَيْر ﴾ مسلوب منه ما أضيف إليه . وما أضيف إليه هنا هو ﴿ ذَنْبٌ ﴾ ، فهو المسلوب منه .

ومثل ذلك قوله تعالى :﴿ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾(آل عمران: 112) . فـ﴿ غَيْر ﴾ هو الذي قتلوا به . وأما ﴿ حَق ﴾ فلم يقتلوا به ؛ وإنما أضيف لفظ ﴿ غَيْر ﴾ إليه ؛ لأنه اسم مبهم ، لا يفهم معناه إلا بالإضافة . ولما كان مدلول ﴿ غَيْر ﴾ المغايرة ، كان معنى ﴿ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾ : بباطل .

ثالثًا- النفي بـ﴿ غَيْرٍ ﴾ يرد في اللغة على أوجه ؛ منها :

أن يكون متناولاً للذات ، إذا كان غير موصوف ؛ كقوله تعالى :﴿ وَيَقْتُلُونَ الأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾(آل عمران: 112) . وقوله تعالى :﴿ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ ﴾(الحج: 40) . فإذا كانت الذات موصوفة ، كان النفي بـ﴿ غَيْر ﴾ واقعًا على الصفة دون الذات ؛ كما في قوله تعالى :﴿ رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾ (الرعد: 2) . فالمنفي بـ﴿ غَيْر ﴾ هنا هو الرؤية ، لا العمد . وعليه تكون السموات مرفوعة بعمد لا تُرَى . وهذا ما أثبته العلم الحديث .. فتأمل ذلك ، فإنه من الأسرار الدقيقة في البيان القرآني المعجز !!!

محمد إسماعيل عتوك

Admin
Admin

المساهمات : 574
تاريخ التسجيل : 29/02/2008

https://salahsoft.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة


 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى